أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023 م : الصوم ومكارم الأخلاق ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023 م بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 2 رمضان المبارك 1444هـ ، الموافق 24 مارس 2023م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق.

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق ، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023 م بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق ، للدكتور محروس حفظي :

 

  (1) تحقيقُ خُلقِ مراقبةِ اللهِ في السرِّ والعلنِ.

 (2) إحلالُ خُلقِ التكافلِ الاجتماعِي بينَ أبناءِ المجتمعِ.

(3) اشتمالُ الصومِ على أعظمِ خُلقٍ: “الصبر”.   

(4) القصدُ والاعتدالُ والابتعادُ عن مظاهرِ الإسرافِ.

(5) احترامُ الوقتِ والوفاءُ بالمواعيدِ.           

(6) اشتمالُ الصومِ على حزمةٍ متكاملةٍ مِن الأخلاقِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023 م بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي: 

خطبة بعنوان: الصومُ ومكارمُ الأخلاقِ بتاريخ 2 رمضان 1444 هـ = الموافق 24 مارس 2023 م

الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويكافىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِك، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، أمَّا بعدُ

لقد استقبلَ المسلمونَ ضيفًا كريمًا، وغائبًا عزيزًا، طالمَا انتظرُوه، هذا الضيفُ إذا جاءَ أقبلَ معهُ الخيراتُ، وتنزلتْ معهُ البركاتُ، شهرٌ قالَ فيهِ ﷺ:”إِذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَنَادَى مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ” (ابن ماجه)، إنَّها فرصةٌ عظيمةٌ لِمَن يريدُ أنْ يعودَ إلى ربِّهِ – سبحانَه – ويُحسِّنَ فيهِ مِن خُلقهِ، ويُقوِّمَ فيهِ اعوجاجَهَ .

وقد عُنيَ الإسلامُ بالأخلاقِ منذُ بزوغِ فجرهِ وإشراقةِ شمسهِ، فالقرآنُ في عهديهِ المكِّي والمدنِي اعتنَى اعتناءً كاملًا بهِا، مِمّا جعلَهَا تتبوأُ مكانةً رفيعةً بينَ تشريعاتهِ حتى إنَّ المتأمِّلَ في القرآنِ يستطيعُ وصفَهُ بأنَّهُ أعظمُ كتابِ أخلاقٍ على الإطلاقِ، ومدرسةُ الصومِ قد تضمنتْ الدعوةَ إلى مكارمِ الأخلاقِ والتي مِن أعظمِهَا:

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023 م

 (1) تحقيقُ خُلقِ مراقبةِ اللهِ في السرِّ والعلنِ.

لقد شُرِعَ الصيامُ لمقاصدَ عاليةٍ، وأحكامٍ ساميةٍ، حيثُ لم يقِفْ الشارعُ الحكيمُ عندَ مظاهرِ الصومِ مِن الامتناعِ عن شهوتيِ البطنِ والفرجِ فحسب ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً﴾، بل عمِدَ إلى سمُوِّ الروحِ، ورُقِيِّ النفسِ وحفظِهَا، وتزكيةِ الجوارِحِ والصعودِ بها مِن الدَّركِ المادِّي إلى آفاقِ السموِّ الروحِي؛ لينعمَ الصائمُ بصفاتِ أهلِ البرِّ والإحسانِ، ويسعدَ بالفوزِ بالجنانِ، والدخولِ مِن بابِ الريانِ، والنظرِ إلى الرحمنِ، ومرافقةِ سيدِ الأنامِ. وجماعُ مقاصدِ الصومِ أشارَ إليهَا ربُّنَا في قولهِ تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ فتحقيقُ تقوَى اللهِ ومراقبتِهِ في السرِّ والعلانيةِ هي الغايةُ الأساسيةُ التي انطوَى عليهَا الصومُ؛ إذ المسلمُ يتركُ شهوتَهُ وطعامَهُ وشرابَهُ مِن أجلِ خالقهِ وهو سرٌّ لا يطَّلعُ عليهِ سواه، والعبادُ قد يطَّلعونَ منهُ على تركِ المفطراتِ الظاهرةِ، وأمَّا كونُهُ تركَ ذلك مِن أجلِ معبودِهِ، فهو أمرٌ لا يطَّلعُ عليهِ بشرٌ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ، بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَ اللَّهُ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي» (مسلم)، ولذا يجبُ أنْ تكونَ حاضرةً مع المسلمِ مطبقةً في حياتهِ ومع أهلِ بيتهِ وفي عملهِ، وقد خصَّ جبريلُ عليه السلامُ مقامَ المراقبةِ بالسؤالِ في حديثهِ الطويلِ بعدَ سؤالِهِ عن الإسلامِ والإيمانِ، وفيهِ: «فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ، قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» (متفق عليه) .

فما أحوجَ واقعُنَا المعاصرُ إلى تلك المراقبةِ التي توقظُ الضميرَ الإنسانِي، وتبعثُ في النفسِ الاستجابةَ للنداءِ الربانِي فلا يقدمُ المسلمُ على عملٍ إلّا وهو مستشعرٌ أنَّ اللهَ مطلعٌ عليهِ يرَى عملَهُ، ويعلمُ ما تكنهُ نفسُهَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» (الترمذي وحسنه) .

إنَّ الصائمَ بذلك يكونُ قد جمعَ بينَ مقامَي “الخوفِ والرجاءِ ” وهما جناحانِ يحسنُ للعبدِ أنْ يسرعَ بهمَا إلى اللهِ – سبحانَهُ- فالصائمُ يخافُ ربَّهُ فيحفظُ صومَهُ، وهو يرجوهُ وحدَهُ في المثوبةِ، يخافُ مِن عذابهِ، ويرجُو رحمتَهُ ويطمعُ في جنتهِ قالَ تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾؛ وليحذرْ الصائمُ أنْ لا يكونَ لهُ مِن صيامهِ سوىَ الجوعِ والعطشِ نهارًا ثُم إذا خلَا بنفسهِ انتهكَ محارمَ اللهِ ليلًا قالﷺ: «لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ هَبَاءً مَنْثُورًا، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: «أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا» (ابن ماجه) .

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023 م

 (2) إحلالُ خُلقِ التكافلِ الاجتماعِي بينَ أبناءِ المجتمعِ.

 وتعويدُ النفسِ على البذلِ والعطاءِ: مِن الجوانبِ الأخلاقيةِ التي انطوَى عليها الصيامُ إحلالُ قيمِ التكافلِ الاجتماعِي بينَ أبناءِ المجتمعِ، حتى يُدركَ الأغنياءُ ما يعانيهِ إخوانُهُم الفقراءُ والمحرمون الذين يذوقونَ ويلاتَ الفقرِ، ومرارةَ الحِرمانِ، وألمَ الجوعِ طولَ العامِ، فيوجبُ ذلك تنبيهًا وحَثًّا لهم على مواساتِهِم والإحسانِ إليهِم، وَقَدْ «رُوِيَ أَنَّ يُوسُفَ – عَلَيْهِ السَّلَامُ – قِيلَ لَهُ: أَتَجُوعُ وَبِيَدِك خَزَائِنُ الْأَرْضِ فَقَالَ: أَخَافُ أَنْ أَشْبَعَ فَأَنْسَى الْجِيَاعَ» (الموطأ)، ورحمَ اللهُ الإمامَ القسطلاني حين كتبَ: «وإنَّما يجدُ ذوقَ التعبِ مَن نازلَهُ، ويعرفُ قدرَ الضررِ مَن واصلَهُ، وفي مثلِ ذلك» قِيلَ:

لَا يَعْرِفُ الشَّوْقَ إِلَّا مَنْ يُكَابِدُهُ … وَلَا الصَّبَابَةَ إِلَّا مَنْ يُعَانِيهَا

لَا تَعْذِلِ الْمُشْتَاقَ فِي أَشْوَاقِهِ … حَتَّى تَكُونَ حَشَاكَ فِي أَحْشَائِهِ

 ولهذا حثَّ نبيُّنَا ﷺ على التكافلِ والبذلِ والعطاءِ بينَ الجميعِ دونَ تمييزٍ مِن أجلِ إدخالِ الفرحِ والسرورِ على الآخرين، وليس في رمضانَ فحسب فعَنِ النُّعْمَانِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» (مسلم)، بهذا يصبحُ المجتمعُ قويًّا متماسكًا صامدًا لا تزعزعهُ الفتنُ ولا تخلخلهُ الأزماتُ ولا تؤثر فيه الضرباتُ التي توجهُ لهُ مِن هنا أو هناك .

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023 م

(3) اشتمالُ الصومِ على أعظمِ خُلقٍ: “الصبر”.   

إنَّ مِن أعظمِ الأخلاقِ التي يتربَّى عليها المسلمُ في هذه المدرسةِ الربانيةِ خُلق الصبرِ الذي تدورُ حولَهُ جميعُ الأخلاقِ، وهو خلقٌ عظيمٌ وصفَ اللهُ بهِ المرسلين فقال ربُّنَا: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنْ الرُّسُلِ﴾ وروى مسلمٌ مِن حديثِ أبي مالكٍ أنَّ النبيَّ ﷺ قال: «وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ»، وأعظمُ أنواعِ الصبرِ: “الصبرُ على الطاعةِ”؛ إذ يجلبُ للعبدِ الراحةَ والطمأنينةَ والسعادةَ، ويُكتَبُ لهُ القبولُ عندَ اللهِ، وقد فهمَ الصحابةُ حقيقةَ هذا فصبرُوا وصابرُوا على الطاعةِ في رمضانَ وغيرهِ فَحُقَّ لهُم أنْ يكونُوا خيرَ جيلٍ على الإطلاقِ قال ﷺ «وَالصَّوْمُ نِصْفُ الصَّبْرِ، وَالطُّهُورُ نِصْفُ الإِيمَانِ» (الترمذي وحسنه) .

إنَّ الفلاحَ في الدنيا والآخرةِ لا يكونُ إلّا بالصبرِ مِن أجلِ اللهِ، ورجاءَ ثوابهِ يقولُ سبحانَهُ: ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾؛ الصومُ يعلمُكَ الصبرَ على الخَلْقِ، وتحمُّلَ أذاهُم، ومسامحتَهُم، والعفوَ عن زلاتِهِم فعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: “الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَخَالِطُ النَّاسَ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ، أَعْظَمُ أَجْراً مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يُخَالِطُّ النَّاسَ، وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ” (ابن ماجه)، الصومُ يربِّيكَ على الصبرِ على أقدارِ اللهِ والرضَا بها، واليقينِ بأنَّ ما كتبَهُ اللهُ وقضاهُ على العبادِ كائنٌ لا محالة، وأنَّه نوعٌ مِن الابتلاءِ للعبدِ، لذا فإنَّ عليهِ أنْ يصبرَ لينالَ الأجرَ مِن ربِّهِ، ولترفعَ درجتُهُ يومَ القيامةِ.

إنَّ أكثرَ مشاكلنَا اليومَ بسببِ ضيقِ الصدرِ، وقلةِ الصبرِ، وسرعةِ الغضبِ، كم سُفكتْ مِن دماءٍ، وسُلبتْ مِن أموالٍ، واعتُدي على أعراضٍ، وحدثتْ القطيعةُ بينَ الأرحامِ، وهجرَ الأخُ أخاهُ والجارُ جارَهُ! كم عُصِيَ اللهُ في الأرضِ، وانتُهكتْ حرماتُهّ، بسببِ عدمِ الصبرِ عمّا حرّمَ اللهُ ونهَى عنهُ!.

أخي الصائم: اربأْ بنفسِكَ أنْ يمرَّ عليكَ رمضانُ دونَ أنْ تّحسِّنَ مِن أخلاقِكَ، وتغيِّرَ مِن سلوكياتِكَ الخاطئةِ كي ترتقِي بنفسِكَ، وتخلصَهَا مِن القيودِ الماديةِ والمعنويةِ فتأخذَكَ إلى أعلَى عليين مع النبيينَ والصديقين قالﷺ: «كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا» (مسلم)، ألا فليكفَّ الصائمُ نفسَهُ عن الرفثِ والخنا وما فيهِ إيذاءُ الغيرِ قال ﷺ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ بِأَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» (البخاري) .

العنصر الرابع من خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023 م

(4) القصدُ والاعتدالُ والابتعادُ عن مظاهرِ الإسرافِ.

 الإسلامُ دينُ الوسيطةِ والاعتدالِ، وقد نهَى عن الإسرافِ بشتَّى صورهِ حتى في جانبِ العبادةِ تجنبًا للسآمةِ، ودفعًا للمشقةِ على النفسِ، والملفتُ للانتباهِ أنَّ شهرَ الصيامِ قد تحوّلَ – عند البعضِ- إلى شهرٍ استهلاكِي يفوقُ حدَّ المعتادِ حتى جانبَ الصوابَ، وهو أمرٌ يحتاجُ إلى وقفةٍ متأنيةٍ، ونظرةٍ فاحصةٍ؛ لِمَا لهُ مِن آثارٍ سلبيَّةٍ على الفردِ والمجتمعِ، فشهرُ رمضانَ الغايةُ العظمَى والثمرةُ المرجوةُ منهُ هي «تحقيقُ التقوى»، وهذه التقوى ليستْ مقصورةً على جانبٍ معينٍ في حياتِنَا، فرمضانُ فرصةٌ لتجديدِ الحياةِ، وكسرِ روتينهَا الممل، وإعادةِ هيكلةِ نظامِنِا الغذائِي، إذ المفترضُ أنْ يتحولَ مِن ثلاثِ وجباتٍ في الأيامِ العاديةِ إلى وجبتين، وبهذا يشعرُ المسلمُ بجوعِ الفقيرِ، وألمِ المسكين، فيسارعَ إلى سدِّ احتياجِهِم، ومداوةِ جراحهُم، لكن تشيرُ بعضُ الدِّراساتِ إلى أنَّ ما يُلقَى مِن طعامٍ ويوضعُ في صناديقِ القمامةِ قد تبلغُ نسبتُهُ في بعضِ الحالاتِ 45 % مِن حجمِ تلك المخلفاتِ، مِمَّا ينتجُ عنه خللٌ ماديٌّ في اقتصادياتِ الأسرةِ، وقد سلكَ دينُنَا الحنيفُ أعظمَ طريقٍ، وأقومَ سبيلٍ في معالجةِ داءِ الإسرافِ والتبذيرِ، وهذا ليس بغريبٍ؛ لأنَّ مصدرَ ذلك اللطيفُ الخبيرُ، العليمُ بمَا يصلحُ النفسَ والضميرَ، فيجبُ على المسلمِ أنْ يعِي «مقاصدَ الصيامِ» تجنبًا للوقوعِ في الإسرافِ في هذا الشهرِ الفضيلِ.

العنصر الخامس من خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023 م

(5) احترامُ الوقتِ والوفاءُ بالمواعيدِ.           

 الصيامُ يعودُ المسلمين على احترامِ الوقتِ والنظامِ، فتأخيرُ الإفطارِ بعدَ الأذانِ مكروهٌ، والإفطارُ قبلِ المغربِ يبطلُ الصومَ، كما أنَّ تأخيرَ السحورِ مِن السنةِ قَالَ ﷺ:«لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْإِفْطَارَ، وَأَخَّرُوا السُّحُورَ» (أحمد)، وإذا أكلَ أو شربَ الصائمُ بعدَ آذانِ الفجرِ ولو بوقتٍ يسيرٍ بطلَ صومُهّ مصداقًا لقولِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾، فللوقتِ أهميتُهُ، والمسلمون يفطرون في وقتٍ واحدِ ويُمسكونَ في وقتٍ واحدٍ، ولو أخذنَا بهذا المبدأِ وطبقناهُ في حياتِنِا ومعاملاتِنَا لفوزنَا وتقدمنَا على غيرِنَا .

العنصر السادس من خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023 م

(6) اشتمالُ الصومِ على حزمةٍ متكاملةٍ مِن الأخلاقِ.

  يتعلمُ المسلمُ في مدرسةِ الصومِ عدةَ أخلاقٍ منها: خلقُ “الصدقِ”؛ لأنَّ الصومَ عبادةٌ مستورةٌ منحصرةٌ بينَ العبدِ وربِّهِ لا يعلمُ حقيقتهَا وصدقَ العبدِ في أدائِهَا إلّا اللهُ، ولذلك أضافُ اللهُ الصومَ إلى نفسهِ فقالَ:«إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي» (متفق عليه)، وإذا صدقَ المؤمنُ مع اللهِ حيثُ لا يراهُ أحدٌ، وامتنعَ عن الشهواتِ تعوَّدَ الصدقَ مع الناسِ، وبذلك ينالُ رضاءَ ربِّهِ ومحبةَ خلقهِ، والصدقُ يهدِي إلى البرِّ، والبرُّ يهدِي إلى الجنةِ.

ويتعلمُ المسلمُ أيضًا خلقَ “الثباتِ على المبدأِ”: فالصائمُ يجوعُ وأمامَهُ الطعامَ الشهي، ويعطشُ وأمامَهُ الماءَ العذْب، ويعفُّ وزوجهُ بجانبهِ ولا يعينهُ على ذلك إلّا إرداتُهُ وثباتُهُ، فأيُّ مدرسةٍ تعلمُ الثباتَ على المبدأِ كهذه المدرسةِ التي فتحهَا اللهُ إجباريًّا في رمضانً وتطوعًا في غيرِ رمضانَ، يقفُ المؤمنُ فيهَا على أرضٍ صُلبةٍ، مِن الحقِّ واليقينِ، ويُعتَبَرُ كلُّ ساعةٍ تمرُّ مِن نهارهِ وهو ثابتٌ في صومهِ انتصارًا في معركةِ صراعِ النفسِ والشيطانِ قالَ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ﴾ .

ويترَبَّى المسلمُ في مدرسةِ الصومِ على خلقِ “الشجاعةِ”، فالصائمُ قويُّ الإرادةِ، يقهرُ نفسَهُ، وينتصرُ على شهواتِهِ، فهو شجاعٌ ثبتَ في مواطنِ الشدةِ، وانتصرَ على ماديَّةِ جسمهِ، فأصبحَ مالكًا لإرادتهِ، قويًّا في إيمانهِ وشخصيتهِ، والصومُ بهذا يسهمُ في إعدادِ الرجالِ الذين انتصرُوا على أنفسِهِم، فأصبحَ مِن السهلِ عليهِم أنْ ينتصرُوا على عدوِّهِم، وما يحملُ الجبان على جبنهِ إلًّا خوفهُ على نفسهِ مِن الأذَى، فإذا انتصرَ عليهما وجُرِّدَ مِن محاباتِهِمَا برئتْ نفسُهّ مِن الجبنِ والضعفِ، ولهذا فرضَ العليمُ الصومَ على المسلمين في المدينةِ قبلَ فرضِ القتالِ ليكونَ مدرسةَ التربيةِ والتدريبِ والإعدادِ قبلَ مواجهةِ الأعداءِ وتحقيقِ الانتصاراتِ.

اللهُمّ إنَّا نسألُكَ أنْ تحفظَ ديننَا الذي هو عصمةُ أمرِنَا، ودنيانَا التي فيها معاشُنَا، وآخرتنَا التي إليها مردنَا، وأنْ تجعلَ بلدنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، وأنْ توفقَ ولاةَ أُمورِنَا لمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.

كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال     

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر الشريف

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »